الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث فاجعة في سيدي علي بن عون: اشتعل وهو يحاول اصلاح عطب في محطة وقود وخلف وراءه 4 ابناء

نشر في  09 مارس 2016  (16:54)

غياب ضمانات السلامة وتقصير في اتخاذ اجراءات الحماية وراء الفاجعة

شقيق الهالك لاخبار الجمهورية: "نحمل شركة استغلال وتوزيع الوقود المسؤولية لانها لم تتثبت من مقومات الوقاية والسلامة "

زوجة الهالك لاخبار الجمهورية: "زوجي غرر به واخذ للعمل في مكان غابت عنه مقومات الحماية وضمانات السلامة"

مصدر مسؤول بوزارة الصناعة لاخبار الجمهورية: " اغلب الشركات البترولية في تونس تمتنع عن تنظيف الخزانات او اصلاحها وكلما وقع اي عطب يتم تغيير الخزان بالكامل"

" كان من المفروض ان يتم افراغ الخزان بالكامل وتركه مملوءا بالماء لمدة اسبوع لإخراج الغازات كليا"

تحدثنا كثيرا عن تزايد حوادث انفجار قوارير الغاز المنزلية، وكيف تسببت في العديد من الكوارث والخسائر التي وصلت الى حد الوفاة.. وقلنا ان هناك عدد من القوارير لا تستجيب لمقاييس الجودة وهناك قوارير اخرى منتهية الصلوحية ومع ذلك توزع في الاسواق وتروج للمواطنين... تحدثنا كثيرا عن الانفجارات وعن تقصير في مراقبة قوارير الغاز الموجودة في الاسواق، لكن فاتنا ان نتحدث عن التقصير والاهمال الحاصلان في محطات توزيع الوقود في حد ذاتها، خاصة على مستوى الصيانة والحماية...

تقصير في التقيد باجراءات السلامة واتخاذ كل تدابير الحماية خاصة وان المكان والتجهيزات والمواد الموجودة بها حساسة، وتتطلب اخذ كل الاحتياطات حتى لا يحصل ما لا يحمد عقباه.. ورغم التنصيص على اجراءات السلامة، ورغم التاكيد على الخطوات الواجب اتباعها عند القيام بصيانة التجهيزات في محطات توزيع الوقود، الا ان الاصرار على تجاهل هذه المسالة يؤدي الى الانفجار وبالتالي الفاجعة.

غياب ضمانات السلامة

حامد بن الزين بن ابراهيم الجوادي عمره 42 سنة فقط وهو اب لاربعة ابناء (اكبرهم عمره 6 سنوات وله طفل اخر عمره 5 سنوات وتوأم عمرهما اقل من ثلاث سنوات)... هو اصيل ولاية سيدي بو زيد وتحديدا من منطقة سيدي علي بن عون، صاحب ورشة خراطة "tourneur "..

في 24 جانفي الماضي عرض عليه احد المقاولين الذين سلمت لهم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع الوقود مهمة صيانة الخزانات في محطتها بسيدي علي بن عون، ان يصلح العطب الحاصل في احد الخزانات الموجودة تحت الارض.. طلب منه ان يقوم بلحام مكان العطب مؤكدا على ان الخزان قد افرغ تماما من الوقود وتم تنظيفه وتعبئته بالمياه وتهوئة المكان تحسبا لاي خطر..

وقبل حامد الجوادي بتسلم المهمة (رغم انها تدخل في اطار المناولة باعتبار ان المقاول هو المطالب قانونيا بالقيام بهذا العمل حسب العقد الذي يربطه بشركة استغلال وتوزيع الوقود) وبمجرد انطلاقه في العمل اشتعل الخزان باكمله واحترق الرجل وظل يصارع الموت اسبوعين ليفارق الحياة يوم 7 فيفري الجاري تاركا زوجته وابناءه الاربعة.

اخبار الجمهورية التقت بشقيق الضحية عبد الجواد الجوادي وتحدثت اليه عن الفاجعة وعن مدى تحمل المقاول والشركة البترولية لمسؤوليتهما فيما حدث لشقيقه..

من يتحمل المسؤولية ؟

يقول السيد عبد الجواد ان المقاول الذي سلم مهمة اصلاح الخزان لشقيقه اتصل بهم بعد الحادثة بايام قليلة اي قبل وفاة حامد وطلب منهم ان يتكفل بالتغطية الاجتماعية للهالك وان يسجله على اساس انه احد العاملين معه ليتم احتساب الحادث على انه حادث شغل وبالتالي يتهرب من الملاحقة القضائية وكفى بالله وكيلا..

لكن عائلة حامد رفضت هذا الامر خاصة وان ابنهم له "باتيندة" ومسجل في صندوق الضمان الاجتماعي. وقد طلبوا منه ان يتحمل مسؤوليته فيما حصل.. وقدموا قضية في الغرض.. كما اتصلوا بالشركة المعنية عن طريق عدل منفذ وطلبوا منها اتخاذ ما يلزم من اجراءات لضمان حقوق ابناء الهالك..

فممثل الشركة في سيدي علي بن عون هو من اصر على انه قد تم اتخاذ الاحتياطات الضرورية الوقائية وانه تم تفريغ الخزان بالكامل من الوقود وتنظيفه، ليتضح فيما بعد انه كان يحتوي على كميات من الوقود،مما ادى الى اشتعال الخزان...

وقال شقيق الضحية انهم يطالبون بتحمل كل من الشركة والمقاول الذي مكنته من القيام بالاشغال في محطتها مسؤوليتهما وان يضمنا حقوق ابناء اخيه... "زوجي غرر به " وقد اتصلنا هاتفيا بزوجة الهالك وتدعى عواطف فأفادتنا انها لن تتنازل عن تتبع المسؤول عما حصل لزوجها. واعتبرت انه تم التغرير بالمرحوم عندما طمأنوه واعلموه انه تم اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحمايته.

وشددت محدثتنا على ان زوجها كان يرفض العمل في مكان فيه نسبة خطر ولو 1 بالمائة ومع ذلك قبل هذه المرة بالعمل في محطة الوقود التابعة لعجيل في سيدي علي بن عون بالنظر الى كل التطمينات التي تحدث عنها ممثلو الشركة هناك. وقالت انه ومنذ حصول الحادثة لم يتصل بهم لا المقاول ولا اي طرف اخر.. وطالبت عواطف بضرورة التسريع في التحقيق في ملابسات ما حصل... مع ضمان حقوق ابنائها الصغار الذين باتوا بلا عائل بعد وفاة والدهم.

نادرا ما تلجؤ الشركات الى الصيانة ولتسليط الضوء اكثر على مسالة صيانة الخزانات وكيفية تنظيفها من الداخل وفق اجراءات تضمن سلامة الجميع اتصلنا بمصدر مسؤول في وزارة الصناعة فأفادنا انه جرت العادة ان تمتنع اغلب شركات توزيع المحروقات في تونس عن تنظيف الخزانات وكلما وقع اي عطب في خزان من الخزانات يتم اخراجه وتغييره بالكامل بالنظر الى حجم الخطر الذي قد يحصل عند محاولة الاصلاح..

واضاف مصدرنا انه في حال قررت احدى الشركات القيام بأعمال صيانة في خزاناتها فانه يتوجب عليها افراغ الخزان بالكامل وتركه مملوءا بالماء لمدة اسبوع لإخراج الغازات كليا..وبعد ذلك تتم عملية الاصلاح والصيانة مع الحرص على استعمال الات قياس مستوى الغاز عند الانطلاق في الاشغال..

كما انه من الضروري استعمال تجهيزات خاصة لمنع الاختناق او الاشتعال وتسمى وسائل الوقاية الفردية..

وقال محدثنا ان ما وقع في سيدي علي بن عون هو تجاوز خطير على جميع المستويات من ذلك ان الشركة لم تتثبت في مدى اهلية من سيقوم باعمال التنظيف والصيانة ومدى قدرته على القيام بهذه المهمة حيث اتضح انه غير مؤهل مما جعله يلجؤ الى طرف ثالث ليقوم عنه بالمهمة..

واكد المصدر ذاته انه من المنتظر ان يتم اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة للحد من تكرر هذه الحوادث الناتجة عن الاهمال والتقصير واللامبالاة..